كلّ ما إنتهيت من فعلِ شيء ما، إلاّ وإقتلعت من رأسِي، بيدِي، شعرةً. لتنبت في مكانها اُخرٌ بيض، تصلحن لمُعاركة ما قدِم من الأيام الفاحمة.
كما أيقنت بعدَ إنتهائي ذلك، من أنّه لا جدوى، البتّة، من توقّع أي شيء، خاصّة ما ستأول إليه الأمور، كل الأمور. أمّا الجدير بنا حقاً، هو مضغ علكة كبيرة قبل النوم، لتطرد عنّا التفكير وتلهينا بسُكّرها عن فرك لحم الساكنين في مخيلتنا.
أنا التي كلّ ما إنتهيت من قراءة كتاب ما، عدت لأقلّب الاُوَلَ من الصفحات، مستعيرةً ضحكةً مسرحيةً طويلة، ساخرةً من جنون المؤلف وخياله الواسع. كنتُ كذلك. أمّا الآن فلا آراه سوى كمسكين محدود الخيال لم يتعلّم من وسع الحياة وجنون ما تخبيء الشيء.
كلّ ما أنهيت كتابا ما، إزددت للأرض تحسساً، مبالغةً في كرهي للمرتفعات، مع أنّني لا أخافها.
النهايات، هي خاتمة كتابٍ لمؤلفٍ واقعي جدا. النهايات تلك التي نكرهها في معضمها. لكنّنا لا نخافها وإن أجحفت.
أنا التّي أرتدي ماضيَّ الغزير، فتنام تفاصيله بين لحمي ودمي كورم خبيثٍ : توقظه الذاكرة، فيتفشى العُضالُ حتّى سفح الورق. أحمل حقائبي دائما معي، حتّى لا أكون ثقيلة على الوقت، متى خلَعت عنها الوجوه : الأقنعة.
كما أحمل كلّ من أحبُّ : بداخلي. أحملهم وأدور حولي، بانتظام : الساعة. وعلى ضربٍ من الموسيقى أتجوّل في المكان. كمتصوفٍ ممتليء الايمان أدور، فيصلّي أحبتي معي.
مربّع "جليز" يتّسع لكلّ من أحمل، ولكلّي. وبين خطوةٍ في الهواء أو بعضه، أرفعها لأضع الأخرى، متخلّصة بالحركة في المكان من خطوات الأمس المنتشر كمحرقة في رأسي.
أدور هكذا ولا أتعب، طاردة عنّي الأمس، بالغد.
غادة طيب بلقاسم
(بدايات)
(نص معدّل / نصوص مُدمجة)
https://www.youtube.com/watch?v=FgtGlNtCIVg

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق