السبت، 15 أكتوبر 2016

أصوات ساميّة (نهاية خضراء)


الحُداءُ للجمال المُترنّحةِ على كثيبِ الرّملِ : مشهدٌ  ساميٌّ منذُ نشأةِ الخليقةِ لم يفقد سِحرهُ ولم تُفكّ أسرارهُ.
الاَثارُ باديةٌ على الرّملِ من علياءِ السماءِ ومبتدإ الصَحراءِ، غائرةٌ كوشامٍ أخضر، خلّتها الحوافرُ علامةََ مُرورٍ، أبقتها هناكَ شهادةً بأنّا: قد مَررنا من هُنا.
المياهُ تُحوّطُ الموكبَ من كلّ اتّجاهٍ، تَعرفهم بأسمائِهم فتهتفُ بِها، تُشاغلهم بخَريرها لِيتأججّ عطشُهم فَيركظوا نَحوها، وكلّ ما هَرولوا باسمِ "الماءِ" واِستغرقوا في الصحراءِ إلاّ وابتلعتهم الرمالُ واتّسعَ المدى أكثرَ.
المياهُ تحوّطهم، أو قد صُوّرَ لهم، كما قد انقلبتْ بأذهانهم كلّ الأشياءِ وما تُصدرُ إلى مشاهدَ يستعينونَ بِتشكيلها علَى الحرِّ الذّي يفترسهُم : الابلُ سحابٌ طائرٌ / الشمسُ امتحانُ العسرِ المُنتهي باليُسرِ / النهايةُ خضراءٌ والرمالُ زرقاءٌ كالبحرِ.
النهايةُ خضراء ..
والدماءُ الجاريةُ مَجرى النهرِ قدْ أعشبت.
القلبُ يخفِق لا من شدّةِ التعبِ، لكنّ الدماءَ قد ألهتها الخُضرةُ من الصبِّ عندهُ.
قطراتٌ من العرقِ خرجت متسوّلة، فأرست على ظهرِ الدابّةِ، فأحدثت بُخارا لشذّةِ القيظِ، فلحِقتها دمعةٌ مُنسكبةٌ من عينٍ مغمضة ٍ،
فاختلطتِ السوائلُ على القشور.
غادة طيب بلقاسم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق