الخميس، 13 يونيو 2019

عام الجراد

كما تجرّدت حقول الزيتون من زيتونها، وألقت عنها همومها والأثقال، تجرّدت السماء من لونها الأزرق، فباعدَ عن سُحبها الهاربة من فوهة البركان، البركان. كما تسرّبت إلى عيون الليل اليقظة، استفاقت على خبرٍ مستعجلٍ بالكتمان. قالوا عنها أنّها خائنة لتلك السحب الراحلة، خاشعة خشوع المتوضيء من بئر الٱثام بالغفران. بدّلت عنها الوجوه، بصفائح بيضاء وملامح من عجين. ملامح لا ملامح فيها، لا سكون ولا ضجيج. خوّنوها ، فقلت لها كوني صخرة. كوني وسطا صامتا، كوني ساكنا جامدا، كوني بئرا جافا، كوني ناصية ملساء، كوني دائرة بلا قوائم، كوني حائطا أعوجا، كوني سندا أعرجا، كوني فراغا لا حدود معه ولا مُمسك له ولا ٱخِر. خانتهم في موتها وأرقها الدائم وصمتها المطبق على صدرها بالقضبان. خانتهم بثغرها الباسم على مضض وبصوتها المرتعش دائما. خانتهم لتصبح صفرا ولاّدا؟ لا، قلتُ لها. لا تكوني ولاّدة وإن كنتِ صفرا على جدار، كوني عاقرة المَبسَم، مُتبلّدة حتى العزوف. كوني صخرة لا يثقبها الزمن ولا يمرُّ من بين مسامها الضوء ولو كان ثورة. كوني لا شيء وإمضي إلى شيئك المُنتظر كنيزك مُحترق.
غادة الطيب بلقاسم
13 جوان 2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق