السبت، 20 يناير 2018

وجوه عائمة 3 - نصٌ قبيحٌ



سأحلم - يقولها "درويش" معلنا عن بدء جداريته.
"سأحلم، ربما اتّسعت بلاد لي". يتعالى نشيجه رافعا باسم الحياة راية تخفق رغم ضيق الشوارع، برد الضلوع والحنايا،  وقبح الظلام .
ينسحب آخر صوت أجش من حنجرته، وتتلاشى المعاني رويدا عن مفكّرتي، ليبقى الحلم.
إذن سأفعل كما فعل الجدار  برأس محمود، و"أنسى الألم".
أرتمي بجسمي إلى الوراء، وعلى مهل يرتخي رأسي نحو الجدار، أنسى الأسامي وينساني الوقت، أركز فقط على استقامة رأسي حتّى لا تقفز الوعود التي أقسمت بالمقدسات على حفظها،:كأن لا أضرب برأسي عرض الحائط، كأن لا أتراجع في خلوتي وتنساني الممرات. أستلقي هكذا في هدوء من الحياة، ساحبةً الهواء بعنف إلى رئتيّ، مُنفِسّةً التراب عن جثث مكامني،  مغمضة عيني عن الدنيا. ربما عقب كلّ هذا التعب: سأحلم.
تنفرج صفحات الرواية عن وجه غليظ الملامح، دميمهِ، ربما ذلك الوجه هو أسئلتي المعلّقة.
خليط من الأعين والأجناس. ورائحة من الماضي تفوح كريهةً. وحواراتٌ مبحوحةٌ. ودخانُ السّنين.
هي عاداتي في فتح الروايات جُملةً. مقارنَةً بذلك جنون كتّابها.
واللّيل عين اللصوص وجليس السحرة. يتربص بوعودي. ليجرني نحو الجنون.
تتهالك الشخوص متعبةً في شكل وحش آدمي.
تختلط أسماؤهم وعناوين منازلهم ويفيض الزمان من الورق.
يعاتبني بطل الرواية الأولى بأنّني سرقت الوقت منه ومنحتها لبطل الرواية الثانية.
يعاتبني الثاني بأنّني لم أكن مخلصة القراءة وأنا أفكر في مصير الأوّل.
تعاتبني أيّامي على كلّ هذا الهذر.
وتفوح من دواخلي -وأنا في ااستقالتي تلك- رائحة شواء.
يعلو الكرسي بيا نحو السماء.
أو تنخفض الأرض من تحتي.
هي عادتي التي أقسمت أيضا على التخلص منها.
ولم أفلح:
الندم.

غادة طيب بلقاسم